قال يائير دفير، المتحدث باسم منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية، إن ما يجري في غزة والضفة الغربية وداخل إسرائيل نفسها لم يعد مجرد اعتداءات عشوائية، بل هو تجسيد كامل لسياسة منظمة هدفها محو الوجود الفلسطيني. يصف دفير، وهو يهودي إسرائيلي، كيف تحولت تحذيرات سمعها قبل سنوات من نشطاء فلسطينيين عن تحويلهم إلى "محميات" إلى واقع مأساوي يتجلى اليوم في شكل إبادة جماعية في غزة، وتطهير عرقي متسارع في الضفة، وهدم قرى بدوية بأكملها داخل إسرائيل.

ويشير إلى أن الخطاب الرسمي الإسرائيلي بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 كان واضحًا في نواياه: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ربط الحرب بالأمر التوراتي بمحو ذكرى "عماليق"، في إشارة يفهمها كل إسرائيلي على أنها دعوة للإبادة. وزير الدفاع يوآف غالانت أعلن حصارًا شاملًا على غزة، والرئيس إسحاق هرتسوغ اعتبر أنّ "شعبًا كاملًا مسؤول" عن أفعال حماس. هذه التصريحات، كما يوضح دفير، ترجمت سريعًا إلى سياسات مدمرة: قصف متواصل، تدمير البنية التحتية، حصار وتجويع، استخدام المساعدات الإنسانية كأداة ضغط للتهجير، واحتلال كامل للقطاع.

ويؤكد دفير في مقال كتبه في جريدة يو أس أيه توداي أنّ أكثر من 90% من سكان غزة نزحوا قسرًا، فيما دُمّر أو تضرر 92% من الوحدات السكنية، وتوقفت معظم المستشفيات والمدارس عن العمل بفعل الهجمات الإسرائيلية. يصف الخيارات المتاحة أمام مليوني إنسان هناك بأنها "إما الطرد أو الموت جوعًا ومرضًا أو بالقصف المباشر". ويشدد: "هذا ليس مجرد قسوة، هذا إبادة جماعية بكل ما تحمله الكلمة من معنى: هجوم منظم على جميع جوانب الحياة الفلسطينية بهدف اقتلاعها من جذورها".

ويحذر من أن الرؤية الإسرائيلية لا تقتصر على غزة، بل تمتد إلى الضفة الغربية حيث تدفع الاعتداءات الاستيطانية نحو تهجير جماعي، إذ تم تهجير نحو 40 ألف فلسطيني، وأُجبرت 40 قرية على إخلاء منازلها بفعل هجمات المستوطنين، بينما تضيق الحواجز العسكرية الخناق على حياة الفلسطينيين واقتصادهم.

دفير يقرّ بأن ما ترتكبه حكومته "حطم كل ما كان يعتقد أنه يعرفه عن نفسه وعن بلده وعن الإنسانية"، مشيرًا إلى أن وقف الإبادة لن يأتي من داخل إسرائيل، حيث لا توجد آلية أو مؤسسة قادرة على إيقاف آلة التدمير. ويرى أنّ المسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي الذي أخفق حتى الآن في تحركه، إذ اكتفى بعض قادته ببيانات فارغة، بينما تواطأت الولايات المتحدة بتقديم الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل.

ويختم دفير بالتأكيد أن "الأمل الوحيد المتبقي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه الكارثة هو ضغط شعبي عالمي مستمر، ومطالبة صارمة باستخدام كل الوسائل المتاحة بموجب القانون الدولي لوقف الإبادة".

https://www.usatoday.com/story/opinion/2025/08/17/israel-genocide-gaza-starvation-displacement-palestinians/85615953007/